مناسك العمرة

فضل العمرة

تعرّف العمرة لغةً بأنّها القصد إلى مكانٍ معمورٍ، وأمّا اصطلاحاً فالعمرة هي نسكٌ كالحجّ، إلّا أنّها تصحّ في أيّ وقتٍ من العام، وليس فيها وقوفٌ بعرفة، ومن الجدير بالذكر أنّ للعمرة فضلٌ عظيمٌ، فهي كفارةٌ للذنوب، مصداقاً لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (العمرةُ إلى العمرةِ كفَّارَةٌ لمَا بينَهمَا، والحجُّ المبرورُ ليسَ لهُ جزاءٌ إلا الجنَّةُ)،[١] والعمرة لا تنفي الذنوب فحسب، وإنّما تنفي الفقر أيضاً، ودليل ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (تابِعوا بينَ الحجِّ والعمرةِ، فإنَّهما ينفِيانِ الفقرَ والذُّنوبَ، كما ينفي الْكيرُ خبثَ الحديدِ والذَّهبِ والفضَّةِ).[٢][٣][٤]

خطوات مناسك العمرة

تقتصر مناسك العمرة على أربعة أعمالٍ، وهي: الإحرام، والطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، والحلق أو التقصير، وفيما يأتي بيان مناسك العمرة:[٥]

  • الإحرام: وهو نية الدخول في النسك.
  • الاغتسال: يُستحبّ الاغتسال كغسل الجنابة عند الإحرام للرجل والمرأة، حتى وإن كانت المرأة حائضاً أو نفساء، والدليل ما رُوي عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه أمر أسماء بنت عميس -رضي الله عنها- أن تغتسل عندما ولدت محمد بن أبي بكر رضي الله عنهما، في ذي الحليفة وهي محرمةٌ للحجّ، حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (اغتسِلي، واستثفِري بثوبٍ وأحرمي).[٦]
  • التطيّب: بعد الاغتسال يُستحبّ دهن الطيب من مسكٍ أو غير ذلك على الرأس واللحية، ولا يضرّ بقاء أثره بعد ارتداء ملابس الإحرام، مصداقاً لما روته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، حيث قالت: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذا أراد أن يُحرِمَ، يتطيَّبُ بأطيبِ ما يَجِدُ، ثم أرى وبيصَ الدُّهنِ في رأسِه ولِحيتِه بعد ذلك).[٧]
  • ارتداء ملابس الإحرام: بعد الاغتسال والتطيّب، يتم ارتداء ملابس الإحرام؛ وهي عبارةٌ عن رداءٍ وإزارٍ للرجل، وأمّا المرأة فترتدي لباسها المعتاد، بشرط ألّا يكون فية زينةٌ أو تبرجٌ، ولا ترتدي النقاب ولا القفازين، ولكن تغطّي المرأة وجهها عن الأجانب من الرجال.
  • الصلاة: بعد ارتداء ملابس الإحرام، تؤدّى صلاة الفرض إن كان الإحرام في وقت الفريضة، وإن كان خارج وقتها، تؤدّى صلاة سنة الوضوء ركعتين.
  • التلبية: تُشرع التلبية بعد الإحرام، ويستحبّ قول: (لبيك عمرة)، ثمّ تبدأ التلبية؛ وهي قول: (لبيكَ اللهمَّ لبيكَ، لبيكَ لا شريكَ لك لبيكَ، إنَّ الحمدَ والنعمةَ لك والمُلْكُ، لا شريكَ لك) ويجوز زيادة: (لبيك إله الحقّ لبيك)، ويستحبّ للرجال رفع الأصوات خلال التلبية؛ إذ إنّ التلبية بصوتٍ مرتفعٍ، فيها تعظيمٌ لشعائر الله تعالى، وإعلانٌ للتوحيد، بالإضافة إلى قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (أتاني جبريلُ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ، فأمرني أن آمرَ أصحابي ومن معي أن يرفعوا أصواتَهم بالإِهلالِ، أو قالَ بالتَّلبيةِ يريدُ أحدَهم)،[٨] وأمّا النساء فيُلبين بصوتٍ منخفضٍ؛ لأنّ التستّر أولى في حقهنّ، وتُشرع التلبية حتى دخول الحرم والبدء بالطواف، ويجوز الاشتراط في حال الخوف من عدم إتمام النسك؛ بسبب مرضٍ، أو أيّ عائقٍ آخر، فيُقال عند عقد نية الإحرام: (إن حبسني حابسٌ فمحِلّي حيث حبستني)، والدليل ما رُوي عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه دخل على ضُباعة بنت الزبيرِ، فقال لها: (أردتِ الحجَّ؟ فقالت: واللهِ ما أجدُني إلا وجِعةً، فقال لها: حُجِّي واشترطي، وقولي: اللهمَّ، مَحِلِّي حيثُ حبِستَني).[٩]
  • دخول مكة المكرمة: يُستحبّ الاغتسال قبل الدخول إلى مكة المكرمة؛ لأنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان يغتسل قبل دخولها.
  • دخول المسجد الحرام: يُستحبّ دخول المسجد الحرام بالقدم اليمنى، وذكر دعاء دخول المسجد.
  • التوجّه إلى الحجر الأسود: عند وصول الحجر الأسود يُستحبّ اسلامته باليد اليمنى، وتقبيله إن أمكن، فإن تعذّر تقبيله، صحّ لمسه باليد اليمنى وتقبيلها، وإن لم يتسنّى استلام الحجر الأسود، ولا تقبيله، فيكفي الإشارة إليه من بعيدٍ، والتكبير، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ تعظيم الحجر الأسود جاء اتباعاً لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإنّما هو في الحقيقة حجرٌ لا يضرّ ولا ينفع، فقد رُوي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنّه جاء إلى الحجرِ الأسود، فقبّله، فقال: (إني أعلَمُ أنك حجَرٌ، لا تضُرُّ ولا تنفَعُ، ولولا أني رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُقَبِّلُك ما قبَّلتُك).[١٠]
  • الطواف: عند الطواف يكون موقع البيت الحرام إلى اليسار، ثمّ يبدأ المعتمر بالطواف، فيُطاف بالبيت سبعة أشواطٍ، ويُستلم الركن اليماني عند الوصول إليه إن أمكن، ومن المُستحبّات في الطواف قراءة قول الله تعالى: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)،[١١] بين الركن اليماني والحجر الأسود، ويسنّ للرجل الاضطباع؛ وهو كشف الكتف الأيمن، ويسنّ للرجل الرمل أيضاً في الأشواط الثلاثة الأولى، والرمل: هو المشي السريع مع مقاربة الخطوات، ومن الجدير بالذكر أنّ الطواف لا يصحّ من داخل الحجر.
  • استلام مقام إبراهيم: بعد الانتهاء من الطواف، يتم التوجّه إلى مقام إبراهيم، وقراءة قول الله تعالى: (وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى)،[١٢] وصلاة ركعتين خلف المقام، يُقرأ فيها سورة الكافرون، وسورة الإخلاص، بعد قراءة سورة الفاتحة، ثمّ الرجوع لاستلام الحجر الأسود إن أمكن ذلك، وإن كان في استلامه مشقةٌ، يكفي الإشارة إليه من بعيدٍ.
  • السعي: بعد الانتهاء من الصلاة عند المقام، يتم التوجّه إلى الصفا، ويُقرأ عنده قول الله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ)،[١٣] ويستحبّ الصعود على الصفا إلى أن تصبح الكعبة مشاهدةً، ثمّ يتم استقبال الكعبة، والدعاء بما تيسّر، ومن الأدعية المأثورة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: (لا إله إلّا اللهُ وحده لا شريك له، له الملكُ وله الحمد وهو على كل شيءٍ قديرٌ، لا إله إلّا اللهُ وحده، أنجز وعدَه، ونصر عبدَه، وهزم الأحزابَ وحدَه)، ويُكرّر ذلك ثلاث مراتٍ، ثمّ السعي مشياً باتجاه المروة، ويستحبّ للرجال الركض الشديد من غير التسبّب بالضررعند الوصول إلى العمود الأخضر، وحتى بلوغ العمود الأخضر الآخر، وعند الوصول إلى المروة، يتم استقبال القبلة، وتكرار الأدعية والأذكار التي سبق ترديدها عند الصفا، ويُعتبر الذهاب من الصفا إلى المروة شوطٌ، ومن المروة إلى الصفا شوطٌ آخرٌ، ويتم السعي بسبعة أشواطٍ.
  • الحلق أو التقصير: تختتم مناسك العمرة بالحلق أو التقصير، ولا بدّ من أن يشمل الحلق أو التقصير جميع الرأس للرجل، والحلق أفضل له، بينما لا تحلق المرأة رأسها، وإنّما تقصّر من كلّ قرنٍ أنملةً.

أخطاء العمرة

ثمة أخطاءٌ يقع فيها عددٌ من الناس؛ بسبب غفلتهم عن بعض أحكام العمرة، وفيما يأتي بيان تلك الأخطاء، لتجنّب الوقوع فيها:[١٤]

  • الفهم الخاطئ للإحرام؛ إذ يعتقد البعض بأنّ الإحرام هو لبس الإزار والرداء، والصحيح أنّ الإحرام هو نية الدخول في النسك.
  • عدم الالتزم بالإحرام من الميقات، والواجب الإحرام من الميقات الذي يقع على الطريق إلى مكة، ولا يجوز تجاوزه من غير إحرامٍ.
  • عدم تمييز السنن من الواجبات في الإحرام؛ حيث يعتقد البعض أنّ الاغتسال، أو الوضوء، أو صلاة ركعتين بعد ارتداء اللباس شرطٌ، ولا يصحّ الإحرام إلّا به، والصحيح أنّها سنةٌ، ويصحّ الإحرام ولو لم يسبقه غسلٌ، ولا وضوءٌ، ولم يتبعه صلاة ركعتين.
  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1773، صحيح.
  2. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 2630، حسن صحيح.
  3. “تعريف و معنى العمرة في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، www.almaany.com.
  4. “فضل العمرة وثوابها”، archive.islamonline.net.
  5. “أعمال العمرة”، ar.islamway.net.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 1218، صحيح.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1190، صحيح.
  8. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن السائب بن خلاد، الصفحة أو الرقم: 1814، صحيح.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1207، صحيح.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 1597، صحيح.
  11. سورة البقرة، آية: 201.
  12. سورة البقرة، آية: 125.
  13. سورة البقرة، آية: 158.
  14. “أخطاء في أداء العمرة”، islamweb.net